تطور المفاهيم السياسية وأثرها في العمل السياسي الليبي في فترة ما بعد الاستقلال سنة 1951م

الملخص

تعتبر مراحل تطور المفاهيم السياسية عبر الفترات الزمنية المختلفة، خصوصاً في أوقات الأزمات أو الأوقات التي تتغير فيها الظروف السياسية وتتبدل فيها معطيات العمل سياسياً واجتماعياً، وتظهر الحاجة إلى فهم كثير من المعطيات التي تتحكم في تلك التغيرات. لذلك دائماً ما نجد المفكرين وكذلك المهتمين بالسياسة وبتحليل مضامينها يلجؤون دائماَ إلى محاولة الفهم الدقيق لأهم التحولات في المفاهيم المستخدمة في الخطابات السياسية أو في حالات التوجيه السياسي والمعنوي للأفراد والمؤسسات، بشكل عام، إن هذا الفهم الدقيق يتيح فرصة أكبر للتعاطي مع الأحداث وكذلك التغيرات السياسية، سواء المرحلية أو التي تأخذ طابعاً يتسم بالاستمرارية. إن استخدام المصطلحات والمفاهيم السياسية استخداماً جيداً يجعل من تطبيقها وايصال المبتغى منها أمراً ميسراً سواء لصانع القرار أو متخذه أو حتى على المستوى الشعبي والمؤسسي العام، لأن هذا الاستخدام يوفر كثير من مناطق التفاهم، ومحطات التغيير الآمنة التي تشير في مجملها إلى درجة عالية من الفهم والإدراك الذي يدفع باتجاه تبني أفكار مقبولة من المشاركة والتوزيع العادل للقيم والموارد التي من شأنها بناء الدولة والمجتمع بناء نموذجياً. تناول المفاهيم السياسية في العمل السياسي الليبي خصوصاً في العصر الحديث للدولة الليبية، ومحاولة تحليلها، يساهم وبشكل كبير في فهم عملية التحول السياسي في الدولة الليبية وانتقالها إلى التجربة السياسية في مراحلها المختلفة، من فهم لأساليب العمل السياسي كتجربة الدستور في مراحله الأولى، وتجربة الأحزاب السياسية الوليدة، وكذلك تجربة عمل المجتمع المدني في محدوديته، كل هذا يعطي القارئ إمكانية الفهم العميق للتحولات السياسية خصوصاً في مراحلها المختلفة منذ الاستقلال إلى الوقت الراهن. لذلك ستركز هذه الدراسة على قراءة تحليلية للعناصر المهمة للمفاهيم السياسية والتي إن بدت متشابهة ومتكررة في كل فترة زمنية من تاريخ ليبيا الحديث إلا أنها تحمل في مضامينها معاني مختلفة عما كانت عليها في مرحلة سابقة، وهذا ما يفيد عملية البحث في هذا الجانب ويجعل منها عملية مقارنة تضع أفضل استخدام لهذه المفاهيم بما يخدم العمل السياسي الليبي.